responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 12
وَالنَّوْعُ الثَّانِي عِلْمُ الْفُرُوعِ وَهُوَ الْفِقْهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: عِلْمُ الْمَشْرُوعِ بِنَفْسِهِ وَالْقِسْمُ الثَّانِي إتْقَانُ الْمَعْرِفَةِ بِهِ وَهُوَ مَعْرِفَةُ النُّصُوصِ بِمَعَانِيهَا وَضَبْطُ الْأُصُولِ بِفُرُوعِهَا وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ هُوَ الْعَمَلُ بِهِ حَتَّى لَا يَصِيرَ نَفْسُ الْعِلْمِ مَقْصُودًا فَإِذَا تَمَّتْ هَذِهِ الْأَوْجَهُ كَانَ فَقِيهًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 79] {فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} [الإسراء: 71] {فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ} [الإسراء: 71] {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} [الأعراف: 8] {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ الصِّرَاطَ جِسْرٌ مَمْدُودٌ عَلَى وَجْهِ جَهَنَّمَ أَوْ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ» «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» ، وَهَذَا أَيْ النَّوْعُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ عِلْمُ التَّوْحِيدِ وَالصِّفَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِمَّا يَجِبُ الِاعْتِقَادُ بِهِ

[النَّوْع الثَّانِي عِلْمُ الْفُرُوعِ وَهُوَ الْفِقْهُ]
قَوْلُهُ (وَالنَّوْعُ الثَّانِي عِلْمُ الْفُرُوعِ) ، وَهُوَ الْفِقْهُ سُمِّيَ هَذَا النَّوْعُ فَرْعًا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْأَدِلَّةِ الْكُلِّيَّةِ فِيهِ مِثْلُ كَوْنِ الْكِتَابِ حُجَّةً مَثَلًا عَلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَعَلَى صِدْقِ الْمُبَلِّغِ وَهُوَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ فَكَانَ هَذَا النَّوْعُ فَرْعًا لَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إذْ الْفَرْعُ عَلَى مَا قِيلَ هُوَ الَّذِي يَفْتَقِرُ فِي وُجُودِهِ إلَى الْغَيْرِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، أَيْ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِذَا تَمَّتْ هَذِهِ الْأَوْجُهُ كَانَ فِقْهًا، عِلْمُ الْمَشْرُوعِ بِنَفْسِهِ، أَيْ عِلْمُ الْأَحْكَامِ مِثْلُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَالْوَاجِبِ وَالْمَنْهِيِّ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ، إتْقَانُ الْمَعْرِفَةِ بِهِ، أَيْ أَحْكَامُ الْعِرْفَانِ بِذَلِكَ الْمَشْرُوعِ، وَهُوَ أَيْ ذَلِكَ الْإِتْقَانُ هُوَ، مَعْرِفَةُ النُّصُوصِ بِمَعَانِيهَا، أَيْ مَعَ مَعَانِيهَا كَقَوْلِك دَخَلْت عَلَيْهِ بِثِيَابِ السَّفَرِ أَيْ مَعَهَا وَاشْتَرَيْت الْفَرَسَ بِلِجَامِهِ وَسَرْجِهِ أَيْ مَعَهُمَا أَوْ مَعْنَاهُ مُلْتَبِسَةٌ بِمَعَانِيهَا وَكَانَتْ الْجُمْلَةُ وَاقِعَةً مَوْقِعَ الْحَالِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} [المؤمنون: 20] أَيْ مُلْتَبِسَةٌ بِالدُّهْنِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَعَانِي الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةُ وَالْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي تُسَمَّى عِلَلًا، وَكَانَ السَّلَفُ لَا يَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَ الْعِلَّةِ، وَإِنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَ الْمَعْنَى أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى مَعَانٍ ثَلَاثٍ» أَيْ عِلَلٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إحْدَى بِلَفْظَةِ التَّأْنِيثِ وَثَلَاثٍ بِدُونِ الْهَاءِ، وَضَبْطُ الْأُصُولِ بِفُرُوعِهَا أَيْ الْأُصُولِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَذَا النَّوْعِ مَعَ فُرُوعِهَا مِثَالُ مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] كِنَايَةٌ عَنْ الْحَدَثِ، فَهَذَا مَعْرِفَةُ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَيَعْرِفَ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ الْمُؤَثِّرَ فِي الْحُكْمِ خُرُوجُ النَّجَاسَةِ عَنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ الْحَيِّ فَإِذَا أَتْقَنَ الْمَعْرِفَةَ بِهَذَا الطَّرِيقِ عَرَفَ الْحُكْمَ فِي غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ وَمِثَالُ ضَبْطِ الْأَصْلِ بِفَرْعِهِ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الشَّكَّ لَا يُعَارِضُ الْيَقِينَ فَإِذَا شَكَّ فِي طَهَارَتِهِ وَقَدْ تَيَقَّنَ بِالْحَدَثِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَبِالْعَكْسِ لَا يَجِبُ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ هُوَ الْعَمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْعِلْمِ لَا نَفْسُهُ إذْ الِابْتِلَاءُ يَحْصُلُ بِهِ لَا بِالْعِلْمِ نَفْسِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الشَّيْخَ قَسَّمَ نَفْسَ الْعِلْمِ أَوَّلًا ثُمَّ أَدْخَلَ الْعَمَلَ فِي قِسْمَةِ الْعِلْمِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِحَدِّ الْعِلْمِ وَحَقِيقَتِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا أَدْخَلَ الْعَمَلَ فِي التَّقْسِيمِ بِالتَّقْيِيدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْعِلْمُ الْمُنْجِي وَالنَّجَاةُ لَيْسَتْ إلَّا فِي انْضِمَامِ الْعَمَلِ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْعَمَلَ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ بِالْقَلْبِ، وَهُوَ الِاعْتِقَادُ وَفِي هَذَا النَّوْعِ بِالْجَوَارِحِ مَعَ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ دُخُولَ الْعَمَلِ فِي التَّقْسِيمِ يَضُرُّ بِهِ لِأَنَّك إذَا فَسَّرْت الْحَيَوَانَ مَثَلًا بِأَنَّهُ حَسَّاسٌ مُتَحَرِّكٌ بِالْإِرَادَةِ وَقَسَّمْته بِأَنَّهُ أَنْوَاعُ إنْسَانٍ وَفَرَسٍ وَكَذَا وَكَذَا ثُمَّ فَسَّرْت الْإِنْسَانَ بِأَنَّهُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ فَدُخُولُ النُّطْقِ فِي التَّقْسِيمِ لَا يَضُرُّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُغَايِرًا لِلْحَيَوَانِيَّةِ حَقِيقَةً لِوُجُودِ الْحَيَوَانِيَّةِ بِكَمَالِهَا مَعَ زِيَادَةِ قَيْدٍ فَكَذَا الشَّيْخُ قَسَّمَ الْعِلْمَ بِالنَّوْعَيْنِ ثُمَّ فَسَّرَ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ وَهُوَ الْفِقْهُ بِأَنَّهُ الْعِلْمُ الْمُنْضَمُّ إلَيْهِ الْعَمَلُ فَكَانَ صَحِيحًا

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 12
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست